رثاء العيد

موضوع: رثاء العيد السبت سبتمبر 19, 2009 1:56 am

في بلاد أصبح شعارها: "بلاد الذل أوطاني..."
وانعدمت ابسط قيم لمواطنيها...وتلاشت أدنى قيمة لهم..
حيث نسي الناس أن أهم مباديء الكرامة هي التسامح..
وأهم مشهد للقوة هو العفو..
ونسوا كرامتهم وقوتهم تحت بساطير حاشية وحوش الظلاّم والحكام والحاكمين،
يفقد العيد قيمته..

في بلاد أصبح شعارها: "بلاد العنف أوطاني..."
حيث يستمتع الواحد بعنفه ضد أخيه وجاره وزميله في كل مكان..
عنف يبدأ من المدرسة والشارع و المكتب والوظيفة..
فتعطيل مصالح ومعاملات الناس في الدوائرعنف نفسي..
وممارسة الرعونة و الوقاحة حتى في قيادة المركبة عنف أخلاقي وجسدي..
ووقاحة الكلام مع الآخرين عنف لفظي..
والتذلل للمال عنف ضد النفس والذات.
أمة عظّمت العنف و هجرت العلم..
فوضعت شعار ثقافة عنفها: الليل والخيل والبيداء...والسيف والرمح..
وفي آخر القائمة: القرطاس والقلم
أي عيد تعرفه هذه الأمة؟

في بلاد أصبح شعارها: "بلاد الكفر أوطاني..."
حيث الدين مظاهر وتظاهر وتمثيل ومناظر..
والورع يقاس على لون العمامة وشكلها
والعبادة رياضة نمارسها أمام الناس وفي الخفاء نرتكب أكبر القبائح..
والصلاة أصبحت زيارة أمام الناس إلى المسجد بينما نحتقر الآخرين حتى في وقوف مركباتنا أمام بيت الله،
وفي تجارتنا نقسم أغلظ الأيمان زوراً وبهتانا..
والتعبد شعر أشعث على الذقن وثياب رثة تفتقر إلى النظافة..
وطبعة سوداء فوق الجبين نطبعها كختم من شيوخ السلاطين..
حيث حول البعض كرم شهر رمضان المبارك إلى شر من جحيم الغلاء والمغالاة والغلو والتبذير والتقصير في ممارساتهم وجشعهم وإستغلالهم واستبدادهم واحتقارهم لبعضهم البعض وافتقارهم للأخلاق
تحولنا إلى بلاد أصبح فيها: "فراق رمضان عيد"

في بلاد أصبح شعارها: "بلاد الحقد أوطاني.."
حيث نفتقد إلى أدنى درجات الإنسانية بيننا..
ونحن أنفسنا من إغتصبنا إنسانيتنا برعونتنا..
ونحن من قتل الإنسانية في حياتنا..
وأسلمنا شرفنا إلى من يغتصب مصيرنا..
فكل تعاملاتنا رعونة
وأفضل تجارتنا غذاء فاسد
وفحولتنا في قتل كل ما هو طيب
علينا أولاً "أنسنة" حياتنا حتى نرى العيد

قي بلاد أصبح شعارها: "بلاد الفسق أوطاني.."
حيث حكوماتنا تعيش فساد "ألف ليلة وليلة"
وتاريخنا يحكي "ألف نكبة ونكبة"
وولاءنا يقبض من حساب "ألف ليرة وليرة"
وانتماؤنا يحسب ب "ألف كذبة وكذبة"
أصبح عهرنا "بألف خطيئة وخطيئة"

في بلاد أصبح شعارها: "بلاد العصي أوطاني.."
حيث يستمتع الناس في معصية الخالق والدين والقانون، من حيث يدرون ولا يدرون
ويستمتعون بتلقي عصي الحاكم وأعوانه من كل حدب وصوب،
ويجلسون على خوازيق العصي وعصي الخوازيق ويهتفوا بحياة العاصي والخازق والمخزوق،
لنحتفل بعيد "الخزق السعيد"

لست متشائماً ولا سوداوياً، لكنني على الأقل أرى ما حولي بعين واقعية،
ولا أخفي الشمس بكف يد،
ولا أحاول أن أخفي حقيقة بطرف إصبع،
في هذه البلاد، حيث المواطن غريب في وطنه، وذليل في نفسه، ومنافق في دينه ودنياه، ومسحوق في حكمه وتحكيمه
في هذه البلاد التي لم يعد فيها أي خير في أي مما نرى ونحس ونفعل أو نقول،
وفي خضم كل هذه الممارسات والحياة وفي هذه الأوقات من السنة،

عجبي لمن يجد فرصة ليقول للآخر:

كل عام وأنت بخير